كما يكون الخُلقُ طبيعة فإنه قد يكون كسباً
بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعاً على الخلق الحسن الجميل فإنه أيضاً يمكن أن يتخلق
بالأخلاق الحسنة عن طريق الكسب والمرونة.
ولذلك قال الني صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة"
قال يا رسول الله, أهما خلقان تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما,
قال: "بل جبلك الله عليهما".
فقال: "الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما ورسوله"
أخرجه أبو داود رقم 5225 كتاب الأدب. وأحمد 4/206 وأخرج مسلم شطره الأول رقم 25, 26
كتاب الإيمان. والترمذي رقم 2011 كتاب البر والصلة
فهذا دليل على أن الأخلاق الحميدة الفاضلة تكون طبعاً وتكون تطبعا
ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع لأن الخلق الحسن إذا
كان طبيعياً صار سجية للإنسان وطبيعة له لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف ولا يحتاج في
استدعائه إلى عناء ومشقة ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء
ومن حُرم هذا – أي حُرم الخلق عن سبيل الطبع – فإنه يمكنه أن ينالهعن سبيل التطبع, وذلك
بالمرونة والممارسة
وهنا مسألة وهي:أيهما أفضل رجل جُبل على خلق حميد ورجل يجاهد
نفسه على التخلق به, فأيهما أعلى منزلة من الآخر؟
ونقول جواباً على هذه المسألة:
إنه لاشك أن الرجل الذي جُبل على الخلق الحسن أكمل من حيث تخلقه بذلك أو من حيث وجود هذا
الخلق الحسن فيه لأنه لا يحتاج إلى عناء ولا إلى مشقة في استدعائه ولا يفوته في بعض الأماكن
والمواطن إذ أن حسن الخلق فيه سجيه وطبع ففي أي وقت تلقاه تجده حَسَن الخلق وفي أي مكان
تلقاه حَسَن الخلق وعلى أي حالٍ تلقاه حَسَن الخلق فهو من هذه الناحية أكمل بلا شك
وأما الآخر الذي يجاهد نفسه ويروضها على حسن الخلق فلا شك أنه يؤجر على ذلك من جهة
مجاهدة نفسه وهو أفضل من هذه الجهة لكنه من حيث كمالُ الخلق أنقص بكثير من الرجل
الأول.
فإذا رزق الإنسان الخلقين جميعاً طبعاً وتطبعاً كان ذلك أكمل
الأقسام هي:
1- من حرُم حسن الخلق طبعاً وتطبعاً
2 – من حرمه طبعاً لا تطبعاً
3 - من رُزقه طبعاً لا تطبعا
ولا شك أن القسم الثالث هو أفضل الأقسام لأنه مع بين الطبعوالتطبع في حسن الخلق