هل شعرت يوماً أنك مثل التلسكوب من شدة التدقيق في التفاصيل الصغيرة ؟! النجوم يراها الناس بعيدة كل البعد إلا أننا بالنظر نجدها قريبة منا، بشكل يذهلنا لأننا لا
هل شعرت يوماً أنك مثل التلسكوب من شدة التدقيق في التفاصيلالصغيرة ؟!
النجوم يراها الناس بعيدة كل البعد إلا أننا بالنظر نجدها قريبة منا، بشكل يذهلنا لأننا لا نراها بأعيننا بل نراها بقلوبنا ونشعر بها أيضاً.. أعلم ما معنى أن تلاحظ كل الذي أمامك في أقل من دقيقة بينما الآخرون لا يلاحظونه إلا بعد مدة من الزمن، بعد أن ينتهي كل شيء و يموت كل ما بداخلك بعد أن تتجمد لهفتك ولا تنتظر أي شيء من أي شخص، وبعد أن تبهت وتصبح شاحب وكأنك مصاب بالجفاف في جميع أنحاء جسدك.
هل كان علينا التعمق إلى هذا الحد في التفاصيلالصغيرة ؟ إلى حد يجعلك حزين بائس وأنت في عز سعادتك ومرحك فقط لأنك لاحظت نظرة أو حركة أحدهم أو كلمة تعمقت بها كثيرًا، وحللتها وفصلتها رغم أنه كان بالإمكان التجاهل.. لكنك لم تستطيع.
لا تستطيع السيطرة على نفسك وكأن بداخلك جهاز دائم التشغيل فاقد السيطرة يتحكم بك ولا تتحكم به.. هل كنا مجبرين على أن ندقق على رفعة الإصبع؟ هل كنا مجبرين التدقيق على حركة اليد … كيفية السلام.. كيفية الجلوس.. كيفية الكلام.. هل كنا مجبرين أم مخيرين ؟!
وأغرب مافينا يا صديقي أننا ندقق على أشياء مختلفة أشياء لا يمكن أن يراها الآخرون مثلما نراها نحن فمعظم الناس يدققون على الملابس، والحقائب، بينما نحن ندقق على حركة الجسد على الابتسامة على طريقة الكلام وتحريك العينين واليدين وباختصار تدقق اكثر في الروح والجوهر نتساءل هل هو حزين أم سعيد؟
مرتاح أم لا ..؟ نحن طيبون للحد الذي نفكر في مشاعر غيرنا بينما في الواقع لا أحد يفكر في مشاعرنا .. ربما هذا عقابنا في الحياة إلا ينتبه ويشعر بنا أحد وأن نبقى وحيدون دائماً .. لأننا تعمقنا للحد الذي أصبح ينقلب علينا الأمر لأننا أفرطنا في التعمق و التدقيق.
ويظنون أنهم يعرفونك ويفهمونك جيداً ويعلمون ما تفكر به مخطئون لا يعلمون بأنك تعلم عنهم أشياء هم أنفسهم لا يعلمونها.. وأكثر ما يجعلك ترتاب إن ما شعرت به وحللته وفصلته صحيح حينها تشعر بالخوف من نفسك .. ومن مقابلة الآخرين خشية اكتشاف أشياء تفوق طاقتك تشعرك بأنك بطل خارق يملك موهبة سيئة جداً.. وتظن انك مختار بينما في الواقع لست إلا أنسان يشعر بعمق ويفكر بعمق بينما الآخرين يشعرون ويفكرون بسطحية..
سوف تكتشف في النهاية أن أكثر ما يميزك عن غيرك معرفتك لمن لايريدك ولمن يفضّل بقائك و من يفضّل رحيلك وأسوء ما يشعر به الإنسان أن يكون كتلة ثقيلة على قلب أحد.. ربما الأمر بهذه البساطة لأنه على طبيعت،ه وأجمل ما يكون المرء عليه.. أن يكون على طبيعته.. وتسأل نفسك في النهاية وتقول لماذا أشعر بكل شيء؟! هل لأنني تعمقت في الأمور بشكل كبير؟ هل أصبحت مشكلتنا الوحيدة التعمق في كل شيء.